مذكرات مواطن (3): الجزائر على صفيح ساخن.. لا ل”نظام عاجز”!

بلقاسم خنشة، تم الحكم عليه بالسجن للمطالبة بحقوقه.

بلقاسم خنشة، تم الحكم عليه بالسجن للمطالبة بحقوقه.

لا توجد بلاد في هذا العالم من دون مشاكل اقتصادية، سياسية أو ثقافية كما لا يمكن بناء وطن دون المرور عبر أزمات.. إن الأزمات هي الجسر الذي يفصل كل حضارة عن التقدم والإزدهار وكيفية التعامل مع هذه الأزمات هي الشعرة الخفيفة التي تفصل بين دولة متقدمة وأخرى تسير، وستظل في درب التخلف. لذاَ من الواضح أن مسيرة بناء دولة من الدول لا بد من أن تطول، وأمر عادي أن يعمل الكل ويجري وراء مصالحه فكلنا بشر في النهاية ونوازعنا تتدخل في قراراتنا. لكن المسيرة من المفترض أن تكون للأمام لا أن تكون للخلف، والنزاهة مطلوبة لكي لا تصبح البلاد سلعة يتراماها الجميع في كل الاتجاهات. لهذا، لا مسوغ ولا مبررات يمكن للنظام الجزائري أن يستعملها، الفشل لا يمكن التعبير عنه بكلمات كثيرة ولا حجج منطقية، المنطق يقول أن من “فشل” يجب عليه أن “يرحل” وكما يقول المصريون: “الباب يفوت جمل”.

لا يمكن تصوير النهب على أنه استثمار للأموال العمومية ولا يمكن عنونة الخيانة على أنها عمل من أجل مصلحة البلاد. النظام الحالي فشل على مدى فترة تزيد عن 50 سنة في صنع ركائز اقتصادية من غير البترول، إننا نصدر “حرفيا” هبات الله ونستورد ما كان يجب أن نصنعه، إننا نستورد ما كان يجب أن نصدره! لذلك فليتوقف هؤلاء المسؤولون الوهميون عن سرد قصص الوطنية والعمل من أجل البلاد لأنهم فشلوا فشلاً ذريعا في انهاء التبعية الاقتصادية ما جعلنا اليوم نتخوف من أي اضطراب بسيط في سعر البترول لأننا نعرف أن الثمن سندفعه نحن، ولا أحد غيرنا سيكون في فوهة المدفع، هم سيهربون والشعب سيأكل الحصى!

لو نفتح ملفات فشل النظام، لألفنا مجلدات ومجلدات. أغلبية الشعب تحت خط الفقر، وأموال الناس يلعب بها صغار المسؤولين في نادي الصنوبر، من العادي أن يذهب الرئيس “المفترض” إلى فرنسا “المستعمر القديم الذي يسبونه ليل نهار”، لم يتم اتهامه بالمس بسيادة البلاد حتى عندما قام بامضاء مراسيم رئاسية داخل مؤسسة عسكرية فرنسية.. لم يتحرك أحد، وكأنهم رضوا بذلك، وكأنهم أحبوا ذلك، وكأنهم أرادوا ذلك! لكن أصابع التخوين تتجه مباشرة نحو أولئك المعارضين السلميين في الصحراء، أولئك الذين خرجوا حبا في البلاد وخوفا على مصالح أجيال المستقبل، أصابع “الحقرة” قامت بسجن أحد المناضلين هو “بلقاسم خنشة” وجريمته هي مطالبته بحقوقه! نعم عزيزي القارئ، اليوم، في الجزائر، يقدس الخونة والسارقون والمفسدون والمحتالون ويضرب ويعتقل ويتم تهميش المناضلين الأحرار. فأين منطق يستسيغ هذا الأمر؟ وأي حجة لهذا النظام الفاقد شرعيته اليوم؟!

إن معارضة النظام لا تكون فقط عبر معارضة الرئيس الحالي، وإنما أيضا عبر معارضة أولئك الذين جلبوه في أواخر التسعينيات، عبر معارضة أولئك الذين سمحوا له ولحاشيته بالقفز على سلطة الدستور لكي يترشح لعهدة ثالثة وأخرى رابعة، عبر معارضة الناس الذين يصفقون لأشخاص فاسدين سواءً لأنهم فاسدون مثلهم أو لأنهم يستفيدون بطريقة أو بأخرى (خصوصا عبر المشاريع والصفقات المالية) من فسادهم، عبر معارضة طريقة حكم دكتاتورية تعطي حرية “وهمية” حيث لك الحق في الحديث عبر المواقع الاجتماعية، لك الحق في كتابة المقالات لكنك ستجد نفسك مسجونا (كما هو حال بلقاسم اليوم) إذا سولت لك نفسك الخروج ضد هذا النظام، ضد من يمثلونه، ضد من يعتمدون عليه وضد من يعملون على بقائه.

الجزائر على صفيح ساخن، مظاهرات في الجنوب وأخرى (مستقبلية) في الشمال، نقابات تشل قطاع التعليم، استفزاز من طرف النظام عبر مجيئه ب(روجي حنين)، لا تهمني ديانته ومرحبا به ليدفن هنا فهو ولد هنا وكانت أمنيته أن يدفن في المقبرة اليهودية (ليست إسرائيلية كما أشار بعض الدواعش)، لذلك أغتنم الفرصة وأقول مجددا أن الوطنية هي ما تجمعنا ولا شيء آخر، نحن جزائريون أولا وأخيراً دون أي تقسيمات مذهبية أو عرقية أو دينية، المهم أن الاستفزاز ليس في دفنه وإنما في بعث طائرة خاصة لجلبه إلى مثواه الأخير، لقد آلمني كيف أن هذا النظام استطاع أن يقيم جنازة رسمية ويبعث طائرة خاصة لروجي حنين بينما تغاضى كليا عن الكاتبة الكبيرة “آسيا جبار“، إنه استفزاز لمشاعر الشعب أن يأتي جسد كاتبة كبيرة شرفت الجزائر في رحلة عادية على متن خطوط “إيغل آزور” إن لم تخني الذاكرة فأي نظام هذا الذي يهمش عظماء البلاد حتى بعد وفاتهم؟

إن فشل النظام لم يتوقف عند حد معين بل هو سلسلة من السياسات الفارغة التي لم تأت بشيء للجزائر ولم تثمر ولن تفعل! الركود السياسي دليل آخر على عجز النظام الحالي وعلى ضرورة رحيله، إن قفل الأبواب في وجه المعارضة (الحقيقية وليس معارضة تسعى -عبر معارضتها الشكلية- لبقاء النظام) يدل وبشكل واضح على خوف المسؤولين لأنهم يدركون أن أيامهم معدودة. لا يمكن أن توهم شعبك بأمور وتعطيه وعودا كاذبة فهذا، صحيح أنه سيسمح لك بالبقاء لمدة أطول قليلا، لكنه من جهة أخرى سيفقدك كل مصداقية تود امتلاكها وحقيقة كم أحب عندما تسقط مصداقية النظام لأن هذا سيشكل فرصة لأولئك الأحرار لإصلاح ما أفسده هؤلاء، ليس في فترة خمسة عشر سنة (وهي فترة حكم الرئيس الحالي) بل في فترة تزيد عن الخمسين سنة بقليل وهي فترة حكم النظام. هناك فرق يا أعزائي القراء، في الجزائر، الرئيس ليس النظام بل هو لعبة، إنه ورقة في أيدي رجال آخرين لأنه مهما امتلك هذا الرئيس (وحاشيته) من نفوذ، فهو سيبقى دائما كخاتم في يد اللوبي المالي، أو ما يسمى بالمافيا العسكرية المالية. لهذا، المطالبة برحيل الرئيس وحاشيته ليست حلا، بل الحل هو المطالبة برحيل نظام كامل بكل رؤوسه، بكل أفراده، بكل سياساته وبكل أطرافه فليس جناح فلان أو علان من يحكم بل هي عدة أجنحة تتجاذب فيما بينها لتعطينا صورة “خادعة” عن ديمقراطية “وهمية”.

أغتنم الفرصة للوقوف إلى جانب المناضلين الأحرار، وإبداء دعمي لهم.. سنحصل على حريتنا، اليوم أو غداً، سننتزعها إنتزاعا (سلميا) إن لزم الأمر.

الجزائر لأبنائها وبناتها وليست للفاسدين والمفسدين، الجزائر ستحتفل باستقلال حقيقي عاجلا أم آجلا، لذلك افعلوا ما شئتم.. أبناء وبنات الجزائر الأحرار لن يتركوها لقمة في فم من لا يحترم العلم والشهداء. يحيا النضال!

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*