مذكرات مواطن (4): الإعلام في الجزائر.. في خدمة النظام والإرهاب!

القنوات الإعلامية الجزائرية.

لم يخطئ ذاك الذي قال بأن الإعلام سلطة رابعة، إنه ينزع من يشاء ليغيره بمن يشاء، إنه يفضح من يشاء لخدمة مصالح من يشاء، إنه يغير ويدلس ما يشاء ليستطيع نيل رضى الخليفة، أمير المؤمنين، حاشيته وتلك الجهات الحليفة والمطيعة. لذا، لا عجب اليوم أن الرداءة تعم مجتمعاتنا، لا عجب أن البلدان تمشي في طريق مستو نحو الانحدار والانهيار الثقافي والسياسي.  الجزائر لم تنج بنفسها من واحة التدهور الإعلامي، لا يمكن لأي منا إنكار الحالة المزرية التي يقبع فيها مجال “أصحاب القلم والميديا”، لست هنا للتهجم على أحد، ولست لإلقاء الملامة على أحد.. إنما أنا هنا فقط لتوضيح الأمور والتنديد بما أراه خاطئاً.

إن القطاع الإعلامي الجزائري ليس حراً، ولم يكن يوما حراً، ولن يستطيع (في ظل النظام القائم) أن يصبح حراً. هذا ليس توهما بل حقيقة، الصحف القنوات الإعلامية اليوم تستعمل لتصفية حسابات شخصية.. أتذكر الآن ذلك المهرجان أو لنقل المهزلة التي أثارتها إحدى القنوات المعروفة بتأييدها للنظام يوم تناولت حركة “بركات” (حركة معارضة جزائرية) فحولتهم من حركة مواطنين أرادوا الخير لبلادهم، إلى خونة باعوا أنفسهم للمنظمات الأجنبية وكأن معارضة النظام أصبحت بمثابة وثيقة رسمية للخيانة فيا بئسا لإعلام يسعى وراء بقاء نظام متجبر! ويا بئسا لإعلام يجعل الوطني خائنا والخائن وطنيا!

لم يقتصر الأمر على هذه القناة فحسب، بل تقريبا كل تلك القنوات شاركت في “المهزلة الإنتخابية”، الناس يعتقدون أن التزوير يكون يوم الاقتراع.. ربما هم على حق لكن التزوير بالنسبة لي هو الترويج لمترشح دون الآخر، هو تمجيد أحد المترشحين، هو خلق صورة مثالية لأحد المترشحين.. فعندما نفعل هذا، لا يصبح الأمر “انتخابا” بل “دعوة للتصويت على مرشح النظام”! لهذا، كم أشعر بالأسف الآن وأنا أتذكر ما فعلته كثير من الصحف والقنوات الإعلامية الجزائرية التي غاصت في وحل الرداءة، أتفهم أن هناك ضغوطا تمارس من طرف جهات معلومة لكن هذه الضغوط هي التي تصنع الحاجز بين قنوات تساند الظلم وأخرى ترفضه بشتى الوسائل.. النضال لا يكون في ساحة عامة أو برفع شعارات فقط، النضال هو أن تقف ضد نظام كهذا!

إنني بتنديدي لهذا الإعلام الذي لا يعجبني حقيقة لا أظلم أياً كان! أنا أدري أن هناك إعلاميين شرفاء رفضوا الرضوخ ولهم مني ألف تحية إلا أن هناك من قام بتسجيل حصص، وبث حلقات متعددة متهما فيها المعارضين بأنهم يريدون زعزعة استقرار البلاد وأصبح القاطن في الغرب والمدافع عن بلده “حركي” فقط لأنه يقطن بالغرب وكأنه لا شخص جزائري إلا من يعيش في الجزائر، وكأن حمل الجنسية الجزائرية والدفاع عن وطن يحز على كثيرون أن يروه كما هو ليس إلا جريمة بنظر بعض الأشخاص. فإن كان حبا الوطن يعني حب النظام والمسؤولين، عذراً! لستُ ولسناَ وطنيين!

إن تصرفات بعض الجهات الإعلامية تحيرني وتوقض في نفسي أسئلة كثيرة.. هل وصل بنا الحد إلى دعوة مسؤولين فاسدين للدفاع عن فسادهم؟ بل هل وصل بنا الحد إلى دعوة أناس اعترفوا بقتلهم للجزائريين إلى حصص تلفزيونية تتناول المستقبل السياسي للجزائر؟ أعتقد أن الأمر يشبه قيام أحدنا بدعوة أشخاص يساندون الفكر النازي والإقصائي إلى طاولة حوار تناقش “حقوق الإنسان”. لن أزايد بميزان الوطنية فلست من أصحاب الخطاب الشعبوي، ولن أخون أحدا فلا أريد الوقوع في نفس أخطاء الغير إلا أنني أدعو الجزائريين، إلى التفكير، ولو لحظة في هذه التصرفات.. أ لا نلعب اليوم بمستقبل البلاد عبر إعلام كهذا؟

الحصص التلفزيونية الجزائرية بعيدة كل البعد عن الاحترافية، إنها تكرر في سيناريو مقيت، ممل ولا أمل فيه.. نحن لسنا بحاجة إلى حصص تزور تاريخنا، تمجد خونة، تقصي مفكرين، وتعمل على إخراج جيل يضع بنفسه حذاء “العسكري” فوق رأسه! إنها حصص تعلمنا الخضوع، تعلمنا قبول ما نحن عليه وذلك عبر التحجج بمقولة “أ رأيتم ماذا حدث جراء الربيع العربي؟”.. ومن قال أيها السادة الإعلاميون أننا نسعى وراء ربيع عربي بنسخة سورية؟  من قال أننا نسعى وراء حكم جبروتي جديد لا يغير إلا وجهه؟ من قال أننا نسعى إلى جماعات إرهابية ترفع السلاح لإقامة (الخلافة الراشدة) “ونعم بالله!!!”؟ أ لم يخطر في بالكم أننا نريد ربيعا “صوماميا”؟ أما جاء في ذهنكم أننا نود ديمقراطية بنكهة جزائرية خالصة؟ أما تساءلتم إن كنا نبحث عن “نوفمبر” فكري؟ عن “عبان” آخر؟ عن جزائر جديدة برداء مدني يحترم الجميع ويصون حقوق الكل؟

سواء دعوتم للنظام وطبلتم له، سواءً دعوتم للإرهاب وهللتم فرحاً به، سواءً سعيتم إلى ابقاءنا تحت هذا الجبروت.. لا نتكلم، لا نرد، لا نندد.. لا نعيش الديمقراطية! فلتعلموا بأن كل هذا ليس ممكنا ولن يكون!

إن ما ندعوا إليهم لا يتم تمثيله من قبل أشخاص معينين إن قمتم بتخوينهم أو فرحتم بتكفيرهم سقط النضال، وضاعت الجزائر! لا! ما ندعوا إليه تمثله أفكار، تمثله مبادئ، تمثله حركات تحرر فكري وكفاح سلمي.. المعارضة الحقيقية لا يمثلها الأشخاص بل تمثل نفسها عبر أفكارها.

لذلك، خونوا، كفروا، قوموا بواجبكم المقدس على أكمل وجه كجهات إعلام تعمل لمصلحة النظام وأزلامه.. نحن جزائريون، ولا أحد يستطيع نزع هذا الشرف عنا.

نعم لتغيير المنظومة الإعلامية.. نعم لمنظومة مستقلة تمثل صوت الشعب لا “فحيح” النظام!

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*