مذكرات مواطن (5): الغاز الصخري.. جبروت النظام ونضال الشرفاء!

لا للغاز الصخري.

لا للغاز الصخري.

اليوم لم يشأ القلم أن يكتب، ولا شاء القلب أن يعبر، ولا شاء العقل أن يحلل.. كل شيء توقف! لقد أعلنت وفي مرات عديدة كفري بهذا النظام وزبانيته، أعلنت رفضي لممثليه ورجاله، أعلنت نضالي ضد سياساته وحكمه.. إلا أن ما فعله هذا النظام البائس العاجز في صحراء الجزائر لا يستطيع قلم أن يصفه، ولا أن يكتب عنه.. إنه قمة الإنحطاط السياسي والعبث بالوطن ووحدته، إنه قمة البلادة والتفاهة، قمة الحقرة والتهميش، قمة الظلم والتعسف، أن تبعث بالأمن ليقاتل المواطنين وفي نفس الوقت تعجز أن تفتح فمك، أن تندد أو تبعث رسالة قصيرة كالعادة حين تُدَنَّسُ السيادة الوطنية من طرف الطائرات الفرنسية، حين يُظْلَمُ المواطنون الجزائريون في مطارات العالم، حين يُغْتَصَبُ الدستور في مبني البرلمان فقط لإيصال أحدهم إلى عهدة، وعهدات.. هذا هو قمة اللعب بالوطن، ومن تحرك في الصحراء، بالنسبة إلي، مواطن أفضل وأطهر وأنقى وأشرف من كثير ممن يتقلدون المناصب وقالوا (بفعل خوف أو حبا في السلطة لا أدري) نعم لقتل الشعب ببطء عبر الغاز الصخري.. لذا اليوم، إنها رسالة لمن خون المعارضين، رسالة لمن ضربهم في عين صالح، رسالة لمن أرسل ترسانته للقضاء على مستقبل هذا الشعب العظيم.

إنتهى واجب التحفظ، وكان لزاما عليه أن ينتهي وأنا أرى النظام يستعمل العنف ضد شباب أعزل ليأتي بعد ذلك ويبرر ما فعله برسالة قائلا فيها “أعمال شغب أضطرتنا إلى القيام بما فعلنا”.. فهل أصبحت المحافظة على مستقبل البلاد تصنف على أنها أعمال شغب؟ وهل أصبح استعمال العنف ضد المواطنين هو رجولة وضرورة؟ بئسا لهكذا رجولة، هذا إن سماها البعض (من جماعة “بني وي-وي” “أي جماعة نعم ثم نعم” رجولة).. الدكتاتورية لا تدوم، والحكم الجبروتي لن ينتهي إلا برؤوس تداس، ومسؤولين في السجون، وسارقين أمام عدالة القاضي.. لو دام التجبر لدام فرعون لا لنظام بينه وبين النهاية خطوات معدودة، لو دام الحكم لدام لمسؤولين شرفاء لا لهؤلاء الذين امتلأت حساباتهم البنكية بأموال صفقات مشبوهة، لو دامت حالة القفز فوق القانون لدامت للمافيا لا لأشخاص يخافون حتى من مواطن بسيط يخرج في شوارع مدينته لكي يعبر عن نفسه.. ما حدث لا نسميه ضرورة، ولا نسميه حفاظا على المصلحة العليا للبلد أيها المسؤول، وإنما نسميه سعيا للبقاء في السلطة ولو عبر أنهار من الدماء. لكني أعتقد أن لم يحترم علماً، ودنس سيادة وخان وطناً من السهل عليه، بل من المستحب بالنسبة إليه أن يرفع سلاحه في وجه شعبه مادامت الأنظمة الإمبريالية تسانده. رغم كل هذا، مسيرة النضال مستمرة، شاء من شاء وأبى من أبى.

الغاز الصخري ليس إلا من سلسلة القرارات التي تثبت مرة بعد مرة أن هذا النظام المتعجرف لا مكان له في الجزائر. إن السعي وراء قرار كهذا هو سعي وراء تخريب البلاد، هو لعب بمستقبل الأجيال وبالإضافة إلى مخاطره البيئية (ومن أراد فليقم ببحث في الإنترنت والموارد متاحة) فإن القرار مرفوض أصلا مادام الشعب يرفضه وتسميته بهبة من عند الله هو سخافة ما بعدها سخافة، وتجاهل للوضع الحالي رغم أن الجزائر على صفيح ساخن.. الشعب رفض القرار فمن ذا الذي يحاول فرضه الآن؟ أعتقد أن السيادة للشعب وحده، والحكم بيده، والقرار هو سيده فما دخل جماعة من أصحاب المال في قرارات سيادية كهذه؟

كثيرون يعتقدون أن معارضة الغاز الصخري هي معارضة للجزائر ومصلحة الجزائر.. بالله عليكم منذ متى أصبحنا مجبرين على قبول كل قرار لنظام فاسد لكي نثبت حبنا للجزائر؟ قلناها وسنعيدها إذا كان حب الوطن يرتبط بحب النظام، فقد كرهنا الوطن وسنغادره.. لكننا نؤمن، وبما لا يدع مجالا للشك أو الريبة، أن الوطن ليس نفسه النظام، وحب الوطن لا يستلزم حب النظام، والعمل من أجل الوطن لا يستلزم العمل من أجل بقاء النظام، ومعارضة النظام لا تعني السعي ضد مصالح الوطن. فبأي حديث بعد هذا يمكننا توضيح الأمور؟ وبأي منطق يمكننا أن نتفاهم مع أولئك الذين يرمون بالخيانة كل شريف ويشكرون كل وضيع؟ تبا للمبادئ التي باعوها، وتبا للقيم التي أشركوا بها، وتبا لهذا النظام الذي يقدسونه وتبا لهم لتقديسه.

إن الوضعية الحالية في صحراء الجزائر لم تأت من فراغ بل هي نتيجة القمع المستمر.. فما معنى أن أرسل قوات الأمن لتقمع الاحتجاجات السلمية، أ لست أبحث عن تصعيد الأوضاع؟ طبعا، أنا مع كل مظاهرة سلمية، لا يجب رفع السلاح مهما حدث، لأن ذلك سيعطي شرعية لنظام لا شرعية له، وإذا دخلنا، بعد رفع السلاح، دوامة “من رفع السلاح أولا ومن يقتل من؟” فإننا سندفع أثماناً باهضة.. لا! التغيير يجب أن يكون سلمياً، رغم القمع، رغم كل ما يحدث وكل ما سيحدث، لا لرفع السلاح ولا لإطلاق ولو رصاصة مطاطية فلا أحد سيتضرر إلا الشعب. حذار ثم حذار يا أهل الجنوب، لا تنزلقوا (وأنا متأكد أنكم لن تفعلوا) إلى ملعب هذه السلطة الجائرة.

لم يكن من الممكن أن أنهي ما بدأته دون الحديث عن محاولات استغلال القضية من طرف جهات معروفة أهمها بقايا حزب الفيس المحل.. هناك البعض ممن حاول استغلال القضية لترويج أمور معينة، وهذا مرفوض! وسيظل مرفوضا، ولا يمكن القبول به.. قضية عين صالح ونضال المواطنين هو قضية ذات مبدأ، بعيدة عن أي استغلال إيديولوجي، فكري أو سياسي.. صحيح، نحن نرفض النظام ونرفض ممثليه لكن الترويج لمطامع سياسية لبعض الشخصيات في هذا الوقت بالذات ليس إلا لعبا بالقضية. المطالبة برحيل النظام هي مشروعة في وجهة نظري، لكن تقديم البدائل والسعي لربطها بما يجري في عين صالح لا يجب أن يمر مرور الكرام. من رفض الديمقراطية، من رفض التغيير في وقت معين لا يمكن له اليوم استغلال نضال الشرفاء من أجل تمرير ما يريد لأننا نعرف أنه لا يفعل هذا خوفا على مستقبل الأجيال وإنما فقط ليكون ناهبا وسارقا جديداً للخزينة العمومية.

تحياتي إليكم يا أهلنا في الجنوب، كونوا شجعانا، قلوبنا معكم، أرواحنا معكم، عقولنا معكم.. لا للغاز الصخري وليفعل هذا النظام ما يشاء فكل القمع سيشهد عليه غداً أمام محكمة التاريخ، والتاريخ لم يسبق له أن رحم أحداً، ولن يفعل!!

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*