نعم، نريد ضرب المرأة والتحرش بها!

لا للعنف ضد المرأة

لا للعنف ضد المرأة

قام البرلمان الجزائري باعتماد قانون جديد يجرم العنف ضد النساء والتحرش بهن ويعاقب عليه. القانون كان منتظراً خصوصا بعد تزايد نسبة العنف المنزلي والتحرش في الشوارع فاليوم لا تستطيع المرأة أن تسير بحرية حتى في شوارع المدن الكبرى نظرا للإهانات التي ستتلقاها. لحد الآن، الأمر يبدو عاديا بل وقد يذهب بي المقام إلى القول بأن قانونا كهذا جاء متأخراً للغاية -ربما لحسابات سياسية-، لكن الأمر الذي أعتبره غريبا ومزعجا هو أن البعض رفض هذا القانون بل واعتبره “تدخلاً في الحياة الزوجية” و”مستوردا من الدول الغربية”.. نعم يا أعزائي، اليوم في بلادي، يخرج لنا عباقرة تحت قبة البرلمان ويجرمون قانونا يراد به حماية المرأة! يعني بشكل مبسط، هم لا يريدون قانونا يحد من صلاحيات الذكر في مجتمع ذكوري!

لست هنا لأناقش القانون، فليس هناك شيئا للقول، القانون أصلا متأخر وكان يجب أن يأتي منذ زمن. لكني لا أفهم عقلية من يجرم القانون! اعتقدت للوهلة الأولى أن البرلمانيين ذوي التيار الإسلامي هم فقط من عارضوه لكن عندما ألقيت نظرة على كثير من الصفحات على المواقع الاجتماعية فوجئت! نعم، فوجئت لكمية الحقد التي تسكن قلوب بعض الذكور (وليس كلهم ولله الحمد) حيث البعض اعتبر الأمر تمهيدا لكسر العلاقات الأسرية وسلب القوامة من الرجل ورفع شأن المرأة فوق ما تستحقه حقا! أ لهذه الدرجة تمت “دعشنة” المجتمع؟ أ لهذه الدرجة أصبح بعض الذكور في بلادي متطرفين وجهلاء بمعنى المساواة؟ بمعنى الإنسانية؟

لن أبقى على تحفظي خصوصا عندما يصل الأمر ببعضنا إلى مباركة العنف الممارس ضد المرأة، وإلى التطبيل للتحرش الذي يطالهن مبررين ذلك بلباس المرأة. البعض، على غرار الحزب الإسلامي المعروف باسم جبهة العدالة والتنمية، طالب بقانون جديد يمنع التعري والتبرج لأنهم -حسب هؤلاء- السبب الأول في التحرش! لا أدري إن كانت نكتة أم حقيقة؟! المرأة كائن مثل الرجل، في دولة مدنية ديمقراطية، يجب أن تكون هناك مساواة، المرأة ليست ضعيفة بل قوانين المجتمع الذكوري هي ما أرغمتها على السكوت، المجتمع الذكوري الذي يمارس فيه الرجل وصاية على المرأة، وحتى وإن كانت لا تربطه علاقة بها فإنه ينهرها ويتصرف في حياتها كما يريد بذريعة الحفاظ على دينها، شرفها وأخلاقها. يصورونها على أنها شيطان وناقصة دين وعقل ويمارسون في حقها أبشع الجرائم باسم الدين وهم لا يعرفون منها سوى آيتين “مثنى وثلاث ورباع” وآية “واضربوهن” دون أن يلقوا بالا إلا ظروف نزول الآيتين ومعناهما وشروطهما، الشروط التي تجعل من تطبيقهما تطبيقا فعليا أشبه بمحاولة السير بسفينة في قلب الصحراء. والمشكلة كالعادة ليست في الآية أو في الكتاب الذي نزلت فيه وإنما في اختلاف ظروف العصر واختلاف مفهوم “المعروف والمنكر”.

من يمارس العنف ضد المرأة ليس إنسانا، ولا حق له حتى في الحديث مع المرأة ممارسا وصايته الغبية عليها، هو ليس مسؤولا ولن يكون! طبعا سيخرج لنا أولئك الذين كل كلامهم يتمحور حول مؤامرة صليبية صهيونية ضد الإسلام والمرأة الإسلامية، هؤلاء يروننا كالكفار حين نطالب بحقوق المرأة وتحرير الجميع (الذكر والأنثى) من وصاية المجتمع الذكوري المتحفظ، هم يرون كلامنا خطرا على وحدة المجتمع ويطالبون باقصائنا (بل وقتلنا في حالات أخرى) لكن لا يرون حرجا حينما يتحدثون ويتحدث زبانيتهم حول قوانين تعيد الحقوق السياسية لأولئك الذين قتلوا الشعب، لا يرون أي مشكلة حين يخرج إمام بفتوى عن زواج القاصرات، أو يخرج أحدهم برأي سياسي واجتماعي حول إرضاع الكبير (قيل هذا الأمر في دول كثيرة)، هم يجيزون هذا لكن عندما نتحدث نحن حول حقوق المرأة نصبح منسلخين عن ديننا وعاداتنا وتقاليدنا وكل ذلك السجع الذي يزعجوننا به، وكأنهم يرون أن ما يتحدثون عنه هم هو صحيح الدين وما نريده نحن هو ما تريده دول كافرة متزندقة. تبا لفهكم وتبا لهذه التقاليد العجيبة التي صدعتم رؤوسنا بها.

كفاكم حديثا عن المؤامرة، لن تستطيعون (حتى ولو أردتم) أن تنكروا نسبة العنف الحاصلة، لن تستطيعون أن تنكروا أن هناك من فقدن حياتهن بسبب العنف الممارس عليهن، لن تستطيعوا أن تنكروا أن هناك من يسرق راتب زوجته ويهددها إن هي أفشت الأمر.. لن تقدروا وأتحداكم أن تأتوا لي بشخص له عقل ويقبل هذه الأمور! تحدثتم عن العنف فتحدثنا والقارئ له عقل ويفرق بين من يريد حماية نصف المجتمع ومن يريد أن يتحكم في كل شيء باسم الدين.

لقد كرهنا خطابكم حول العنف وكرهنا أكثر خطابكم حول التحرش.. تقولون أن المرأة هي المسؤولة، بربكم منذ متى أصبح هذا صحيحا؟ بالله عليكم أ تعون ما تقولون؟ كثيرا ما رأيت على صفحات المواقع الاجتماعية صورة شهيرة حول المرأة المسلمة والحجاب بالتحديد، في جانب تم وضع قطعة حلوى مغلقة يدور بها الذباب لكن لا يستطيع أن يتمكن من الدخول، وفي الجانب الآخر تم وضع قطعة حلوى مفتوحة والذباب منقض عليها.. للوهلة الأولى، تبدو الصورة في صالحهم لكن المتعن جيدا يرى أنه رغم كل شيء هناك ذباب، يعني ببساطة رغم كل شيء الذكور ذباب فهل هذه هي رؤيتهم للعلاقة بين الرجل والمرأة؟ علاقة بين ذبابة وحلوى؟! للمرأة الحق في أن ترتدي الملابس التي تعجبها وليست مجبرة على التحجب (مع احترامي التام واللامشروط للحجاب ولمن ترتديه عن قناعة، وسأدافع عن حقها كما سأدافع عن حق من لا تريد ارتداءه، لا فرق عندي بين حق الإثنتين ولهما مني كل الاحترام والتقدير)، وليس للذكر بالمقابل الحق في قول أي كلمة أو ممارسة أي شيء، طبعا سيرمونني هنا بالدياثة والأمر معروف وليتحدثوا كما يشاؤون لكن الفرق بيننا هو أنني أدعو إلى رجل يفهم بأن له عقلا يجب أن تتغلب على شهوته، وأن له أموراً أهم من الجنس ليهتم بها، هناك أمور أولى كالنجاح في حياته واحداث الفارق لكنهم يدعون إلى ذكر بدون عقل تحركه شهوته، يغتصب بلده من طرف مجموعة من المافيا كل يوم ويرى هو بالمقابل كل الشرف في المرأة، ذكر لا يرى الحياة إلا سريراً واسعا ولا يرى الإناث إلا جواري لاشباع نزواته.. يعني ببساطة أنا أدعو إلى إنسان وهم يدعون إلى حيوان والفرق واضح!

لهذا، من أراد أن يتحرش بالمرأة دون عقاب فلينزع هذا الأمر من ذهنه لأن له مسؤوليات عليه احترامها وهو إنسان بعقل قبل كل شيء. ولأولئك الدواعش الذين يريدون السيطرة، نعرف توجهم ونعرف طموحاتكم ولهذا تأكدوا أننا لن نسمح لكم باغتصاب النساء ولن نطبل للأمر، إن كان هناك عذرية جنسية فهناك عذرية فكرية من وجهة نظري، وأنتم قد تم اغتصاب عذريتكم الفكرية منذ زمن بعيد!

الجزائر هي الجزائر، ليست لا أفغانستان ولا داعش، وبطبيعة الحال نحن ضد النظام وهذا القانون لا يغير شيئا لأن هناك شرفاء وراءه أما جماعة المافيا فقد باعت هذا البلد منذ زمن.

2 thoughts on “نعم، نريد ضرب المرأة والتحرش بها!

    • لا عزيزي هو موجود بدرجة كبيرة، على الأقل كما أرى أنا كل يوم.. بالإضافة إلى ذلك، وجود الفعل مرفوض أما نسبة وجوده وهل هو كثير أم قليل فذلك سنختلف فيه والمهم أن نجرم الفعل ونجرم أولئك الذين يريدون المحافظة على مجتمع ذكوري.. فحوى الموضوع كان حول تصرف الأحزاب الإسلامية.

اترك رداً على anouarovic إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*