مذكرات مواطن (13): أين كاليفورنيا؟ لا أرى إلا معتقل غوانتانامو!

كاليفورنيا الجزائر!

كاليفورنيا الجزائر!

تابعت باهتمام الوقائع السياسية الأخيرة، خصوصا بدء محاكمة القرن (أو لنسميها مهزلة القرن، فهي حقا مهزلة!) لمن يلقبونه بالفتى الذهبي، الفتى الذي سرق ونهب، كغيره وبمساعدة من أتونا منذ أشهر قليلة بخطاب الأمن والاستقرار. تذكرت وأنا أتابع حيثيات القضية بأنه قد مر عام وشهر تقريبا على إعادة انتخاب بوتفليقة لولاية رابعة رغم كل ما جرى، رغم كل الاعتقالات ورغم كل الضغوطات التي مارسها هذا النظام الجبروتي المتعفن، أو هل يجدر بي أن أقول أن إعادة الانتخاب الهزلية تمت بفضل كل هذا؟ تذكرت وعود “الهملة” الرابعة، وتذكرت كلمات الوزير الأول الذي نشط هذه الحملة، بمعية وزراء آخرين.. وهو ما يعتبر مخالفا للدستور طبعا لكن من يهتم مادام النظام سيبقى؟ من يهتم مادامت النقود ستضخ في حسابات أصحاب “البدلات”؟ من يهتم مادامت زوجة المسؤول ستذهب لمحلات باريس برفقة “كانيشها”؟

كلمة تكررت في ذهني كثيرا، هي كاليفورنا! لا يزال ذاك الوعد معلقا أيها النظام ووعد الحر دين كما يقولون.. لقد صرح الوزير الأول الحالي أثناء الحملة الانتخابية بأنه سيحول معسكر إلى “كاليفورنيا”، وليسمح لي الوزير بأن أعمم كلامه مادمت أظن أن المشروع ينطبق على كل هذه البلاد، سيادة الوزير.. بعد عام، لست أرى إلا ناساً جياعاً، ووزراء يتلاعبون بالمواطنين، وتعديلات مضحكة، وتغييرات “ربع الساعة الأخير”. لست أرى ناطحات السحاب الخاصة بالشركات، ولا وادي السيليكون، بل أنا أرى واديا من الفساد المتفشي، وناطحات سحاب خاصة بالحمق، الرشوة، اللامبالاة، التطرف والهمجية، العنف وعدم احترام الآخر. لست أرى طرقا معبدة كما يجب في مدينتي وأذكرك سيادة الوزير بأن كل مدن الجزائر تعيش نفس الحالة المأساوية، حالة مشاريع فاسدة قادها ناس مفسدون، مشاريع ذهبت أموالها ثمنا لشقق فاخرة في أفخم شوارع باريس ولندن، مشاريع لم يكتب لي أن أرى نهايتها حتى الآن وربما لن يكتب هذا الأمر حتى لأحفادي إن طال الزمن وبقي هذا النظام.

بعد عام من إعادة الانتخاب المزعوم، أرى حداد وهو يهين بنات بلدي، أرى الخليفة وهو يضحك وحناشي الذي قال بأن سيعجبه الأمر إن تم اطلاق سراح هذا الأخير.. بعد عام، لست أرى أيها النظام أدنى تقدم في ما تسميه أنت “الأمن والاستقرار” فالسعودية (بلاد الديمقراطية وحقوق الإنسان!) قد وضعتنا في القائمة السوداء للبلدان التي تمول الإرهاب، ولا أدري هل يعقل بي أن أضحك أم أن أبكي وأنا أتذكر أن السعودية (نعم أكرر، السعودية) فعلت مثل هذا الأمر ومعنا نحن، نحن الذين تضررنا من فقه الدعشنة الذي تصدره هذه الأخيرة والتي أصبحت بقدرة قادر اليوم “في حرب ضد الإرهاب”. لا أدري هل يجوز بعد الآن أن أستسيغ خطابكم حول الاستقرار وأنا أتذكر بأنه تم القضاء على 22 إرهابيا من طرف الحماة الحقيقيين لهذا الوطن؟ لقد قلت في مقال سابق بأن الجزائر مهددة من طرف الإرهاب، وبأن حدودنا ليست محمية أبداً، وبأننا سندفع الثمن.. واليوم، نحن ندفعه! اليوم، أغبياء “داعش” يعلنون ولاءهم لهذا التنظيم الإرهابي ويريدون اغراق الجزائر في حمام آخر من الدماء. لكن تهانينا أيها النظام، لقد رأينا “استقرارك وأمنك”!

يعتقدون أنهم بجلبهم الخليفة وإقامة مهرجان المحاكمة فإن المشكل قد تم حله! لا، نحن نعلم جيداً بأن هذه إلهاء لنا، ونعلم أيضا بأنه لا محاكمة شفافة مادامت العدالة غائبة، ومادام هناك خلط بين السلطات، نعلم جيداً بأن اتصالا من المرادية كفيل باطلاق حكم البراءة لأسباب يعلمها القاصي والداني، نعلم أيضا بأن سقوط الخليفة يعني سقوط شخصيات، وزراء، وجماعة “أسرق وخبي، واحد ماراح يفيق”. إن الأموال التي نهبها الخليفة، طريق “الغول”، شكيب، وكل مسؤول فاسد هي أموال كفيلة بتحويل كل الجزائر لكاليفورنيا وليس فقط معسكر؛ الأموال التي خبأتموها في بنوك سويسرا كفيلة باطعام كل أبناء الجزائر.. كفاكم ضحكا على الذقون، وكفاكم من سياسة النعامة.. كفاكم من الجري وراء المناصب والمنح، وكفاكم تدنيسا للثورة وشهدائها، أتركوا الجزائر لأبنائها، لأن الفساد حل بها، والجريمة أصبحت نمط حياة يومي، والعنف أصبح وسيلة لتربية الأطفال، والتعليم والصحة والثقافة كلها مصطلحات لا توجد ولن توجد أبداً في قاموسكم لأنه إن كانت “داعش” تحارب الحضارة باسم الدين فأنتم تحاربون الوطن باسم الحفاظ عليه.

إذا، ما هي حصيلة هذا العام؟ حصيلتهم ببساطة سرقة ونهب مستمران، تزييف للوعي الشعبي واغتيال لروح الجزائريين، فشل في مكافحة الإرهاب بحيث أصبحت حدودنا مهددة أكثر من ذي قبل ولولا إخلاص الجنود وكل العسكريين الذين يحبون البلاد لأصبحنا في خبر كان، فشل في كافة الميادين، عنف بات واضحا في شخصية الجزائري نتيجة الضغوطات المستمرة والتي تمارسونها لكي تبقوا في السلطة. حصيلة عام هي نفسها حصيلة عهدات سابقة، وهي نفسها حصيلة خمسين عاما من حكم نفس النظام والذي يستغل من حين إلى حين أصدقاءه الإسلاميين، والذين يحاولون ككل مرة ابعادنا عن المشاكل الحقيقية سواء بصراخ وتكبير لكي يتاح لهم ضرب نسائهم، أو بحملة شعواء وتكفير أشخاص ذنبهم أنهم رفضوا هيمنة الكهنة عليهم، أو حتى بجلب قاموس الألفاظ الشرعية “زنادقة ومنحلون وفاسدون مفسدون” لاستعماله ضد من تسول له نفسه أن يتبع نهج القطيعة المزوجة حيث يرفض النظام ويرفض هؤلاء الذين يتلاعبون بالدين لأغراض سياسوية. نعم، هي نفس الحصيلة.. أذكر النظام بأننا أصبحنا نستورد كل شيء، وبأن حرية التعبير هي شعار زائف مادامت السلطة تقمع المناضلين والمعارضين، أذكرك أيضا يا فخامة النظام بأن الجزائر فقدت مكانتها الإقليمية، فقدت كلمتها الدولية رغم أنها أكبر بلد إفريقي بل وبوابة هذه القارة، أذكرك أننا الدولة الوحيدة التي تملك وزيرين للشؤون الخارجية والتي حاولت اخفاء الخلط بين صلاحيات (الوزيرين) بتعديل مضحك جاء بعد تعديل “موسى الحاج، الحاج موسى”، أذكرك كذلك بأن أرشيف الثورة لا يزال لدى فرنسا، وبأن تعديل الدستور أصبح نكتة، وبأن الإرهابيين لديهم حصانة برلمانية، وبأن العقول الجزائرية لا زالت في المهجر.. على العموم، لا داعي لأن أذكرك بأن الجزائر لازالت ساحة للعب الدمى السياسية، وبأن عجلة التقدم لازالت تمشي في الاتجاه الخطأ.

بعد كل هذا، هل نسمي يا سيادة الوزير الجزائر بكاليفورنيا؟ أعتقد أن الإسم الأنسب حاليا هو كابل، أو معتقل غوانتانامو.. إلا لو كنت تعيش في جزائر “نشرة الثامنة” لا في الجزائر التي أستيقظ فيها أنا كل يوم. فهناك فرق بين جزائر “إقامة الدولة” وجزائر “الشعب”.

2 thoughts on “مذكرات مواطن (13): أين كاليفورنيا؟ لا أرى إلا معتقل غوانتانامو!

  1. نبكى على بلارى للولات مسخرة شباب بلألاف يموتون يوميا في قوارب الموت مستوى تعليمى مترنى ومؤسسيات خرامتية في الحضيض ويمكننى إختصار كل الجزاءر فى ماضى مشرف حاضر مخزى و مستقبل مخيف وكل هدا بسببكم أنتم يا حكام البلر .فإلى متى؟؟؟؟؟؟؟؟

    • بداية شكرا على التعليق وإسمحلي لي بالإجابة على تساؤلك: إلى حين وصول التغيير السلمي الذي سيصنعه الجيل القادم.. هؤلاء خائفون من التغيير لأنهم ليسوا أهلا للمناصب والمسؤوليات ولهذا أقول دائما بانه يجب الاستثمار في الجيل القادم لأنه هو أمل البلاد. إلى غاية ذلك الحين، يجب المقاومة وعدم الرضى بما يفعلون.. التنديد ثم التنديد والفضح لغاية إعادة بناء الوعي الشعب.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*