مذكرات مواطن (8): لهذا وأكثر.. نرفض النظام!

صمتا! نرفض النظام.

صمتا! نرفض النظام.

وُجدت الأنظمة لحماية شعوبها والبحث عن مصالح الوطن، الأنظمة هي وسائل للوصول إلى دولة مواطنة تضمن حقوق الجميع دون تمييز عرقي، طائفي، مذهبي، ديني أو جنسي. الأنظمة ليست سوطا يجلد به ظهر الفقير ولا أسلحة يُقِمَعُ بها المتظاهرون، الأنظمة ليست ركائز للوصول لحسابات في إحدى بنوك سويسرا ولا ملكية خاصة لشخص معين. الأنظمة تعبير وجب أن يكون في صف الوطن لا في صف المتلاعبين بمصالح هذا الأخير، في صف المؤسسات لا في صف الأشخاص، في صف الحرية لا في صف العبودية، في صف الديمقراطية لا في صف الدكتاتورية. فهل كان هذا هو الحال في الجزائر؟! مع الأسف الشديد، النظام الجزائري نجح في أن يكون كل شيء إلا نظاما ديمقراطيا يحافظ على البلد ويقدس المواطن.

كثيرون من يساندون هذا النظام العاجز، كثيرون من يقفون إلى صفه ويخونوننا إن نحن حاولنا نقده ورفضه. يستخدمون ورقة مكافحة الإرهاب في وجوهنا وكأن رئيسهم هو من أتى بها لا آلاف الجنود الذي ضحوا من أجل البلاد، يصرخون وهم يحدثوننا عن الأمن والاستقرار فهل نسمي الحالة الأمنية اليوم والجماعات الإرهابية تحوم بنا من كل حدب وصوب أمنا واستقرارا؟ هل نسمي الجزائر وهي على صفيح ساخن بلاد في طور التقدم والنمو؟ أ لم يروا حدود البلد كيف يتم تهديدها كل يوم؟ أ لم يسمعوا عن مئات المعارضين الذين تم زجهم في السجون؟ أ لم يسمعوا عن ملايير شكيب والخليفة وطريق عمار؟ إن لم يعرفوا شيئا عن كل هذا فصبراً عليهم فمقالي اليوم هدية لهم.

لم تصبح معارضة النظام خيارا بل واجبا، فعندما يصبح البلد مهددا من كل النواحي لا معنى لا للاستقرار المزيف ولا للأمن الذي صدعوا رؤوسنا به بينما مزراق يفتخر بكونه مجرماً! هم يعتبرون أننا معارضون لحكم بوتفليقة فقط بينما نحن معارضون لنظام نؤمن بأن بوتفليقة امتداد له فقط، نحن معارضون لجيش الحدود ولجماعة المدينة التي تقع غربا في احدى البلدان الشقيقة، نحن معارضون لمن اغتالوا بوضياف ولمن قتلوا 500 شخص في أكتوبر الأسود، نحن معارضون لمن حصدوا أرواح 200 ألف شخص طوال عشر سنين، نحن معارضون لمن يقفون اليوم في الحكم كالدمى، نحن معارضون للنظام، نظام متواجد منذ أكثر من خمسين سنة، نظام أكبر من جميع من هم في الحكم اليوم.

معارضة النظام لم تأت عن فراغ وإنما هي تحصيل حاصل للحصاد الكارثي والسياسة العقمية التي انتهجتها أروقة الحكم. في الجانب السياسي، استطاع هذا النظام وبنجاح أن يقضي على كل اهتمام بالسياسة من طرف المواطن البسيط، الكل اليوم في الجزائر يقول لك “أخطيني من لابوليتيك”، كلهم فقدوا الثقة في السياسة، في الأحزاب، في التغيير، في النظام، في الدولة وحتى في الوطن نفسه.. الكل يسعى وراء قوت اليوم ولا وقت لديه لقراءة أخبار الجرائد، لتتبع سياسات هذا النظام الذي يريد بيع البلاد والقضاء على العباد، لمعرفة ما يجري فوق هذه الأرض الطاهرة. لقد حاول هؤلاء السياسيون منذ جاؤوا أن يهمشوا المعارضة، ويقاتلوها بكل الوسائل القانونية واللاقانونية، لقد انتهكوا الدستور ونصبوا أنفسهم حكاما باسم الشرعية التاريخية، لقد تمادوا لدرجة أنهم يتركون أمثال مزراق يصولون ويجولون في القنوات ويفتخرون بجرائمهم في حين أن مناضلي بركات منعوا حتى من وقفة لاطلاق سراح “خنشة”، في حين أن مئات الجزائريين ضربوا يوم قالوا لا للغاز الصخري، في حين أن العديد من سكان الصحراء عانوا من جبرون النظام يوم بعث قواتهم ليسكتهم قهراً.. لذا، نعم! لقد فشلتم على المستوى السياسي.

إن فشلكم ولكبره قد نخر كل القطاعات، وتجاوز كل الحدود، لم تتركوا شيئا إلا وأفسدتموه. الجزائر اليوم في خطر مادامت لا تملك اقتصادا نظيفا ومستقراً، الجزائر لا تملك إلا الريع النفطي الذي استولت عليه شركات أحبابكم وزبائنكم. لقد اتجهتم إلى شراء السلم عبر توزيع هذا الريع في كل وقت تحسون فيه بالخطر، لكن اليوم وعندما وجدتم أنفسكم في مأزق حاولتم العبث مجددا بالاقتصاد وذلك عبر محاولة توقيع عقود مع شركات أجنبية لاستغلال الغاز الصخري. لم تفكروا في دعم الصناعة المحلية، لم تفكروا في مساندة الشركات الوطنية، لم تفكروا في التخلص من سياسة “الشكارة” لأنكم تستفيدون منها، لم تفكروا في إعادة هيكلة هذا النظام الاقتصادي الذي يوشك أن يتهاوى في كل لحظة.. لا! كل ما فعلتموه هو نهب الخزينة العمومية باسم الثورة، كل ما تجرأتم عليه هو تخوين من يدعو إلى التخلص من سياسة الريع النفطي والاعتماد على أنفسنا وسواعدنا للوصول لاقتصاد يجنبنا مستقبلا التبعية السياسية. ذهبتم لبلاد “دوغول” طمعا في الصفقات وتنافستم على نيل رضى كلينتون، واليوم أصبحنا نحن الخونة وأصبحتم أنتم الوطنيين.. فتبا لهكذا وطنية وتحيا الخيانة!

انهيار حكمكم لم يقتصر على سياسة واقتصاد، بل حتى القطاع الاجتماعي لم يسلم.. لن أكون مخطئا ولا مبالغا إن قلت أن ملايين الجزائريين يعيشون تحت خط الفقر، الكثيرون يعانون من ظلم واضطهاد الإدارات، من غطرسة المسؤولين لدرجة أن البعض تسول له نفسه ليسب الشعب. العامل البسيط لا يستطيع اليوم النوم وهو مرتاح البال لأن جيبه فارغ وظهره يتألم لثقل الديون، القدرة الشرائية انخفضت إلى حد أصبحت فيه المواد الغذائية الأساسية غائبة عن كثير من البيوت الجزائرية، المطر أصبح نقمة مادام الكثيرون يفترشون أرض البيوت القصديرية.. قلوب مئات الأهالي تبكي الدم على أبناء فقدوا، ذهبوا، اختفوا ولم يرجعوا، إما كانوا من ضحايا عشرية مظلمة أو اختاروا طريق “الحرقة” ذات صباح. هذا المجتمع يعاني من غياب الوعي وقلة سبل الاستمتاع بالحياة، في الجزائر لا يوجد إلا الجدار للمتخرجين أو السجن لمن طالب بالحقيقة حول العشرية السوداء، بينما هناك قصور لمن قال يحيا النظام وهناك حسابات بنكية لمن كان وفيا للعصابة.

وعي منحط، سياسة عقيمة، وعود كاذبة، تشجيع على الهرب، سجون للأحرار.. والكثير! هذه هي صورة الجزائر اليوم فلا تحاولوا تجميلها رجاءً، لو حاولت وصف النظام لكلفني الأمر كتبا لأصف من خربوا البلاد. وبعد كل هذا، يأتيك أحدهم مرتديا بذلته الفاخرة ويقول لك أنك تريد الفتنة! إن كنت أنا أريد الفتنة، إن كنت أنا عميلا و”مبيوعا” كما يزعم الكثيرون فماذا نقول عن من يقطن أمريكا ويتمتع بأموال الشعب؟ ماذا نقول عن من وقع مراسيما وانتهك سيادة الوطن داخل مؤسسة عسكرية أجنبية؟ ماذا نقول عن من خون الناس واغتالهم؟ ماذا نقول عن قتلة عبان مهندس الثورة بالمغرب ومسيلي بفرنسا وبلقاسم في غرفة ذلك الفندق بألمانيا؟ ماذا نقول عن من أجبر بوضياف على اختيار المنفى ثم أتى به ليغتاله أمام الجميع؟ ماذا نقول عن أولئك الذين عذبوا الجزائريين أيام كان الإرهابيون الحقيقيون في الجبال؟ ماذا نقول عن مئات من المسؤولين الذين استفادوا من بطاقة بنك الخليفة؟ ماذا نقول عن آلاف أبناء المسؤولين الذين لم تكن لتعرفهم فنادق أوربا لولا أموال الشعب؟ لا داعي لاعطاء شرعية لنظام لا يستحقها، ولا داعي للدفاع عن أشخاص يريدون تحطيم البلد.

لا داعي للحديث أكثر عن قطاعات أخرى فقد بلغ السيل الزبى.. نحن مع البلد شئتم أم أبيتم ونحن نرفض هذا النظام. نعم للوطن ولا لدعاة الوطنية.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*