مذكرات مواطن (16): سنتكلّم.. ولو كره ورفض المطبّلون!

سنتكلم ولو كره المطبلون

سنتكلم ولو كره المطبلون

بعد أيام من بث إحدى القنوات التلفزيونية لتصريحات خطيرة من طرف “مزراق”، الإرهابي السابق، وبعد قرار النظام الجزائري بغلق تلك القناة وتركه للإرهابي حراً طليقا، جاء دور أويحيى الذي يشغل منصب “مدير ديوان رئاسة الجمهورية” ليعطي للمعارضة دروساً حول حرية التعبير مستغلا بذلك عضلات افتراضية اكتسبها هو ونظامه المجرم عبر الفساد الإداري والمالي. أويحيى تمادى في خطابه مطالبا كل شخص بامساك لسانه متناسيا ربما أنه لو كان هناك في الجزائر حاليا من يجدر بهم امساك ألسنتهم فسيكون مسؤولو هذا النظام والإرهابيون أولهم.

كلام أويحيى لا يعدو أن يكون استمرارا لسياسة التخويف الذي ينتهجها نظام الجزائر الدكتاتوري منذ عقود، سياسة تضاف إلى محاولات التخوين واتهامات العمالة بل وحتى الاغتيالات السياسية في وقت مضى. هل من الضروري أن نذّكر “سي أويحيى” أنه يخدم منظومة حكم قمعية ونظام غير شرعي يسرق خيرات الوطن ويهدد أمن الجزائر يوما بعد آخر؟ كان الأجدر بأويحيى أن يقدّم دعواته و”نصائحه” إلى عمار غول لعلّه يتوّقف عن استحمار عقول هذا الشعب بتصريحاته، كان الأجدر به أيضا أن يوجّه كلماته إلى الرّئيس العليل الذي لا زال يحكم هذا البلد رغم تأكّد الجميع من عدم قدرته على مواصلة مهامه وإلى شقيق الرئيس “السعيد” لعلّ هذا الأخير يفهم أيضا أن حبه للسلطة واستغلاله لمنصب أخيه سيوصل الجزائر لكارثة عما قريب. أويحيى وغيره من ممثلي هذا النظّام الفاشل الذي لا يستطيع حتى الآن تجاوز مشكلة المياه عند هطول الأمطار أصبحوا يقدمون النصائح ويتعاملون مع البلاد وكأنها ملكية خاصة، لقد أصبحت الجزائر في عهد بوتفليقة خاتما في يد المافيا المالية والسلطة الفاسدة والمفسدة.

لا أحسب إلا أن النظام يريد جزائراً بنموذج شمولي وبسيطرة جهة واحدة تحاول بكل الوسائل شراء السلم الاجتماعي، يريدونها أرضا “للحزب الواحد” ومسرحا لسيناريو عشرية دموية أخرى؛ وإلا فلماذا يواصلون في سياسة “غضّ البصر” عن تصريحات إرهابيين ومتطرفين كمزراق وحمداش؟ لماذا لم يغلقوا قناة النهار التي استضافت هي الأخرى ذاك الإرهابي؟ ليس لدي أدنى شك بأن مزراق يملك دعما سياسيا من أطراف في السلطة تحاول اعادة بث مسلسل التسعينات من جديد، وفي سبيل هذا الهدف هم مستعدون للدوس على سيادة الجزائر وقتل فئة من أبنائها وتهجير الأخرى… الجزائر التي لطالما قالوا أن الأجانب يتربصون بها أصبحت ضحية لهم، ضحية لمن باسم الوطنية تعدوا على حرمة المواطنين، ولمن باسم المحافظة على الوطن تعدوا على الشرفاء والأحرار الذي أرادوا الخير لهذا الأخير.

قبل أن يتحدث ممثلو النظام عن حرية التعبير، لا بد باعادة سرد ما حدث قبل عام حين خرجت حركات كبركات منددة ورافضة للعهدة الرابعة لبوتفليقة؛ لقد خرج هؤلاء واعتصموا بسلمية لكن قمع شرطة “الهامل” كان الرد الوحيد الذي تبنته هذه السلطة الدكتاتورية؛ وفي نفس الوقت، لم تكلف ذات السلطة نفسها عناء الحديث عن من يقودون الحملات الداعشية التي تريد نشر الفكر الإرهابي في هذا المجتمع المتطرف أصلاً. يجب، من حين لحين، ذكر التاريخ لعل من يعتلون مناصب الحكم يستحون قليلاً فقد بلغوا حدا ومستوى من الرداءة السياسية قلّما نجده.

لعل “سي أويحيى” نسي أن حرية التعبير ليست مكفولة باسمه ولا باسم “بوتفليقة” الذي يخدمه ولا كذلك باسم “السعيد” الذي أصبح إلها مقدساً في عيون كثيرين من “الشياتين” والمطبلين للفساد المستشري؛ حرية التعبير كفلتها القوانين الدولية وكفلها الدستور الجزائري، حرية التعبير ليست امتيازا يتحصل عليه المواطن بل حقاًّ من حقوقه الشرعية التي تم اغتصابها على مدى سنوات لدرجة أصبح هذا المواطن يتخيل هذه الحرية فائضة من “رحمة المسؤول” ! لقد تحدث أويحيى عن المعارضة وكأنها تهدد ركائز البلد، البلد الذي تتحكم فيه المافيا المالية من رأسه إلى قدميه، البلد الذي أصبحت سلعة للعصابة البوتفليقية التي ساندت الإرهاب سياسيا وايديولوجيا وحاربت بالمقابل حق الناس في قول ما يشاؤون لدرجة أصبح السجن هو النهاية الوحيدة لم نسولت له نفسه انتقاد هذا النظام.

إذا بالنهاية، يمكنني أن أقول لأويحيى ومن سار في فلكه بأن المطالَبين بـ”شد سابعهم” هم من أخذوا البلاد رهينة منذ عقود.. سي أويحيى، سنتحدث، سنقول ما نشاء ولن تمنعنا لا أنت ولا نظامك من نقد من يحكمون الجزائر لأن الأحرار الحقيقيين لا يستطيعون الوقوف إلى جانب الظالمين من أجل المصالح الشخصية وكما يقول الجزائريون في حياتهم اليومية: “نهدروا.. ودزوا معاهم!”

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*