مذكرات مواطن (9): الجزائر بخير.. عفوا، كذبة أبريل!

الجزائر ملكنا.. فاصمتوا وإلا عصا الشرطي!

الجزائر ملكنا.. فاصمتوا وإلا عصا الشرطي!

حلم أي مواطن هو أن يعيش معززاً مكرماً في بلاده، محفوظ الحقوق، مصان الكرامة. نحن ندافع عن بلادنا لأننا نحبها، لأنه يكبر علينا رؤية ما آلت إليه الأوضاع، لأننا ندرك أن هذه الجزائر ليست هي نفسها التي أرادها شهداء نوفمبر، ليست هي التي قامت من أجلها مجموعة 22 وليست هي التي ضحينا ولانزال نضحي من أجلها. تلقيتُ كثيراً من الردود خصوصا عبر المواقع الاجتماعية بعد ما كتبه قلمي في المقال الأخير، أتهمت كغيري بالعمالة، بالخيانة، بأنني من جماعة “الأرجل الخارجية”، وبأنه تحركني أطراف تريد زعزعة استقرار البلاد.. حسنا! نعم، يحركني حبي لهذا الوطن، يحركني غرام العلم، وتحركني كل حفنة تراب من هذه الأرض الطاهرة. فإن اعتبرتم هذا خيانة، فما أحلاها خيانة!

الجزائر بخير.. عفواً! لا، لا وألف لا.. الجزائر لم تكن بخير منذ الاستقلال. الجزائر هي المرأة التي اغتصبتها أيدي الإجرام في التسعينات بحجة الدين، الجزائر هي الفتاة الطاهرة التي دنستها شرذمة ممن استولوا على الاستقلال وانقلبوا على إرادة الشعب في الستينات، الجزائر هي الشيخ الذي يئن من التعب وهو يحاول ضمان لقمة العيش لأبنائه المتخرجين من جامعات والذين لم يجدوا عملا لأن أحباب النظام سرقوا كل المناصب، الجزائر هي تلك الأدمغة التي هاجرت إلى الغرب والشرق لأنها لم تجد الرعاية المناسبة؛ الجزائر وعلى عكس خطاب من هم في الحكم، ليست بخير ولن تكون بخير مادام نفس النظام يحكم منذ الستينات أو حتى قبل الستينات إلى يومنا هذا.

أزعجونا كثيراً بخطاب الرئيس المنتخب، شرعية النظام والفتنة. لكي أكون بسيطا قدر الإمكان، الرئيس ليس منتخبا والنظام غير شرعي ولا وجود لأشخاص يؤذون البلاد وينشرون في الفتنة مثلكم. تحسبون أننا نعارض حكم هذا الرئيس انطلاقا من صحته والأمر خاطئ، نحن نعارض عهدته انطلاقا من اغتصاب الدستور، انطلاقا من تلك الأيادي في تلك القاعة في ذلك البرلمان، أيادي سمحت بتحويل العهدتين إلى عهدات مدى الحياة، أيادي وافقت على تدنيس الدستور بفتح المجال للرئيس لكي يبقى ويحافظ على مركزه ولكي يخرج من قصر المرادية مباشرة إلى قبر العالية. نحن نعارض عهدات هذا الرئيس وهذا النظام انطلاقا من الكوارث الاقتصادية التي حلت بنا، انطلاقا من رؤيتنا للفقراء وهم يأكلون من القمامة، انطلاقا من معرفتنا بحساباتكم في سويسرا وفيلاتكم في باريس، انطلاقا من ترككم لشكيب خليل يصول ويجول في بلاد العم السام، انطلاقا من ابعاد اسم من خدعنا بمشروع القرن عن التحقيقات في فضيحة ذلك الطريق، انطلاقا من عبثكم بالقانون وبالمراسيم كيفما تشاؤون. الدولة الجزائرية اليوم لم تصبح في خدمة البلد بل أصبحت في خدمة العائلة، الدولة الجزائرية التي كان من المفترض أن تحافظ على سير البلاد كما ينبغي هي اليوم خاتم في أيدي المسؤولين، لقد تم أخذها كرهينة وحولت الديمقراطية إلى ملكية، حولت سيادة الشعب إلى سيادة المملكة والانتهازيين والمتطرفين، وحول حكم الشعب إلى حكم عرائس القراقوز التي يتحكم فيها نظام عاجز، فاسد ومفسد!

تقولون بأن هذا النظام له محاسن، أرونا إياها بالله عليكم! أي محاسن يمكن أن توجد في من قتلوا الشعب يوم انتفض؟ أي محاسن يمكن أن تشفع لمن قاموا بتعيين عائلاتهم في كل المناصب السيادية؟ أي محاسن في نظام دخلته مئات ملايير الدولارات ولا يزال لليوم في تبعية اقتصادية للدول الإمبريالية؟ أي محاسن في من نسوا او تناسوا عين صالح والجنوب وحاولوا خداعهم بكذبة، أو نكتة الولايات المنتدبة؟ إن كنا على خطإ فصوبونا رجاءً لكننا نعتقد بل ونجزم بأن استخراج أبسط الوثائق من الهيئات الإدارية أصبح أشبه بالمستحيل إن لم نملك عرفا أو نقودا! صارحوا أنفسكم وصارحونا بالاعتراف بأنكم فشلتم في خلق توازن بين مختلف طبقات المجتمع لأننا نرى وبكل وضوح فئة ضعيفة مستضعفة شبابها يهربون في القوارب، وأدمغتها تستخرج في الفيزات، وأبناءها تركوا مقاعد الدراسة ليساعدوا عائلاتهم التي لم تجد ما تأكل، عائلات كثير منها طرد لأنه لم يجد ما يدفع به ثمن الإيجار.. نرى هذه الفئة ونرى فئة أخرى النقود بالنسبة لها لا شيء! فئة من بطونهم ممتلئة ببراميل البترول، وأبناءهم يتمتعون في نادي الصنوبر، وفنادق الهيلتون، ومحلات شانزليزيه. فئة لا تملك مشكلة مع التنقل لأنها استفادت من جوازات سفر دبلوماسية رغم أنها لا تملك منصبا مهما في الدولة الجزائرية، فئة من تغلغلت في عمق الخزينة العمومية واستفادت من صفقات ومنح وحقاقب ممتلئة ب”الدوفيز”.

لا تحدثونا بعد كل هذا عن وطنية فوطنيتكم مرتبطة بجيوبكم، ولا داعي لزبانية النظام أن يخونونا فأنا لا أجد خيانة أعظم من نهب ثروات الشعب باسم الشرعية التاريخية، ومن فضلكم ابقوا بعيدين عن حياتنا فلو فتحنا ملفاتكم الشخصية وما استمتعتم به بأموال هذه البلاد لألفنا مجلدات ومجلدات، ولا تحاولوا أن تذكروا كلمة “السيادة” فاجتماعات المرادية كفيلة بنسف كل حججكم. ولا أدري في هذا المقام هل أذكر جنون محبي هذا النظام عندما يحدثوننا عن مشاريع لم نرها، ونجاحات لم نشهد عليها، وانجازات لسنا نسمع عنها.. إن قلنا لهم كفاكم كذبا على الشعب قالوا كيف ومتى كذبنا؟ كذبتم حين قلتم بأن الجزائري يعيش في أحسن حال بينما نحن نبصر الجزائريين وهم يتسولون لدى بعضهم البعض ليكملوا الشهر، كذبتم حين قلتم بأن لا أحد يتحكم فينا بينما قرأنا ونقرأ يوميا عن الاتفاقات الاقتصادية التي باع فيها من تسبحون بحمدهم ما تبقى من البلاد خوفا على مصالحهم وامتثالا لأوامر أسيادهم، كذبتم حين رفعتم شعار الاستقرار بينما الإرهاب يحيط بنا، كذبتم حين قلتم بأنهم يبحثون عن حلول للمشاكل بينما عرفنا أنهم يبحثون عن سبل لتهريب ثروتهم، كذبتم حين قلتم بأننا بلاد القانون بينما الدستور يئن في صمت جراء الاعتداء المستمر عليه، كذبتم حين أوحيتم لنا عن سبق اصرار وترصد بأن الجزائر في أمان وبأن الكل سعيد بينما نحن نسمع كل يوم عن احتجاج هنا وانتحار هناك، عن مظاهرة هنا ورفض للسلطة هناك، كذبتم حين قلتم بأن التاريخ صحيح بينما نحن لا نعرف حتى ما الذي حدث بعد مؤتمر الصومام، لا نعرف من انقلب على من قبل الثورة ولا نعرف من اغتال من بعد اعلان الاستقلال، كذبتم حين قلتم بأن النظام يستشير الشعب ويحكم باسم الشعب بينما نحن نرى اليوم استمراره في سياسة القمع والتخويف ورفضه لكل قرار شعبي والغاز الصخري خير مثال، كذبتم حين قلتم بأن حرية التعبير مضمونة وبأن المعارضين في نعيم بينما نحن نعرف ما جرى لأعضاء من حركة بركات، ما حدث يوم خرج الشعب في شتى ربوع الوطن ضد مشروع الغاز الصخري، ما حدث لمن انتقد النظام ولمن رفضه.. بعد كل هذا، هل لديكم جرأة لتخاطبونا؟ أعتقد أن الأفضل لنا ولكم وللجزائر أن تحزموا حقائبكم وحقائب من تصفقون لهم وتريحونا من عبثكم وكذبكم وبهتانكم المستمر.

الجزائر ليست بخير، اعترفتم بهذا أم لا، رضيتم بقولنا له أم لا.. الجزائر لن تكون بخير وهي محكومة من هذا النظام. الجزائر رهينة سيحررها أبناءها يوماً ما، فافعلوا ما شئتم.. التاريخ يكتبه الأحرار والشرفاء لا من سرقوا ونهبوا وكذبوا ودلَّسوا. نعمل للوطن وتعملون للبطون، فهنيئا لنا بهذا الوطن وبئسا لكم بتلك البطون.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*